أهلي و زمالك يا قلبي احزن
كنت في الصف الرابع الابتدائي حين انتقلت إلى مدرسة جديدة. في الأسبوع الأول شاركت إ مقعدنا في أول الصف. بدت لنا في هذا الأسبوع الأول صداقة تتقدم بيننا على مهل و هي تتدعم بقواسم مشتركة من النباهة و التفوق. قطع هذا السير الطبيعي للأمور مدرسا دخل إلى الصف لتوزيع كتب الدين التي لم نتسلمها بعد، و إذا به يطلب من المسيحين الوقوف لتوزيع كتاب الدين عليهم. وقف إ بجانبي و أنا أسير دهشة و تعجب سببهما أنني لأول مرة أشعر باختلاف بيني و بينه. لما وقف إ هل هو حقا مسيحي؟ و أسئلة كثيرة تسبقها هل دون أن تردفها إجابات.
نعم أنا أعرف أنه يوجد مسيحيون كما أنه يوجد مسلمون لكن هؤلاء المسيحين كانوا حتى الآن بالنسبة لي في الكتب و التلفزيون على الأقل حتى الآن، هذا أول احتكاك على أرض الواقع اصطدم فيه بعلاقة مسلم و مسيحي- لاحظ أنا لا أزال طفلا في العاشرة-
جلس إ و أجاب سؤالي "نعم أنا مسيحي" لم يتغير الكثير في العلاقة بيننا. لكن ما حدث بعدها بأيام أو أسابيع، هو أنني مندفعا بحماسة أخذت أحدثه عن الإسلام و إمكانية أن يسلم و يكون كأخي و يقدم إلى بيتنا و يصير واحدا منا!! استمع إلى إ و أنا أشعر أنه يبدي تجاوبا. غير أن إ حين عاد إلى بيته أخبر والدته بالأمر، فما كان منها إلا أن قدمت إلى المدرسة شاكية. في اليوم التالي دخلت الأستاذة هـ ش – أكثر من أثر في من المعلمين و لا أزال أكن لها كل الود و الاحترام رغم عدم اتفاقي معها في كيفية معالجتها لهذا الحدث- استدعتني أنا و إ. وصلنا إلى مكتب أغلقته خلفنا ثم صفعت كلا منا صفعة عظيمة و قالت أن هذا الكلام ليس له محل في المدرسة و أن الأطفال لا يجب أن يتحدثوا في مثل هذه الأمور.
عدنا أدراجنا إلى الصف و اتخذ كل منا مقعدا مغايرا بحسب الأوامر و انتهت العلاقة بيني و بين إ رغم أننا كنا دائما في ذات المدرسة من الابتدائي إلى الثانوي و نسكن ذات الحي و أهلنا ينتمون إلى ذات البلدة في دلتا النيل!! هذا كله لم يجدي في أن تتحسن العلاقة و بقى الحال إلى ما هو عليه، رغم أن علاقتي بأخيه الأصغر ع كانت عادية جدا.
X :
لماذا هذا الحكي؟
أفزعني ما يحدث في مصر، خاصة و أن كثيرين يظنون أن ما حدث وقع منذ عدة أيام. بينما أظن الأمر يحدث منذ سنوات و دون علاج و مواجهة حقيقية. ما يحدث هو أن ثمة حساسية تتنامى بشكل مطرد بين المسلمين و المسيحيين في مصر و لم ألحظ بشأنها رأيا عاقلا و لا مسلكا محمودا.
هناك من يرى الأمر سيمر و أنها زوبعة تأخذ وقتها بضعة أيام و تذهب. و آخرون يرون أن العلاج يكمن في علقة تفوت و لا حد يموت- كما فعلت الأستاذة هـ ش-
ما يدعو للأسف هو أن هذا كله لا يحل المشكلة و لكنه يزيد الأمور تعقيدا و هو ما سنراه لو رسمنا شكلا بيانيا للأحداث و تصاعدها المطرد. هناك مسلمات كثيرة نرددها مسلمين و مسيحيين دون ان نمارسها. الخطأ نال نصيبا منا جميعا مسلمين و مسيحيين و حكاما و محكوميين ليس في هذا الحدث الأخير فقط و لكن في التنشئة و التربية التي أدت إلى مثل هذه الحادثة و أخواتها.
X :
هل قرأت البيان المشترك ل البابا شنودة و الشيخ طنطاوي؟
نعم، شعرت في بيان البابا و شيخ الأزهر ذات الرائحة التي تصدر من بيانات البيت الأبيض بشأن الأحداث في فلسطين بعد أية اعتداءات أو تفجيرات ما، أولا تأتي متأخرة، ثانيا تدعو إلى ضبط النفس و عبارات مطاطة لا تحتوي على ما هو إلزامي أو يمكن تنفيذه.
هذه الحادثة و غيرها لا تعطي المسلمين الحق في التظاهر بهذا الشكل دون تبين و لا فهم أمام أحد دور العبادة لأنه ببساطة لا يقبل المسلمين أن يعاملوا بالمثل. كما أنهم يتفقون أن جريمة 11 سبتمبر و غيرها لا يجب أن تدين المسلمين في أمريكا أو أن تتخذ ذريعة للتحرش بمساجدهم و أشخاصهم. أيضا هذه الواقعة لا يجب أن تستغل في إطار الدعاية الانتخابية لأن في ذلك و بكل بساطة يدفع بنا إلى هاوية التحزب السياسي على أساس ديني. في رأيي إدانات كافة أطراف المعارضة مائعة و غير كافية تعتريها كثير من حسابات اللحظة و تضع جانبا حسابات المبدأ و الأساس.
على الهامش
مخنوق من الرئيس الذي اختفى و لا يعبر أم أي حد في البلد بعد الانتخابات الأخيرة، و كأن ما يحدث في البلد إللي حدانا!! أذكر خطابات شيراك بعد أية احتكاكات أو أحداث بين مسلمين و يهود في فرنسا. لم يكن الأمر يمر دون أن يقول السيد الرئيس كلمة يؤكد فيها على المبدأ و على سيادة القانون و احترامه، بجد مش كلام
رأي
به بعض من الصحة لكنه منطق أعوج في هذه اللحظة و لا يسهم في حل المشكلة خاصة أن هذا الرأي محسوب
على تيار معارض مهم
رأي آخر
به بعض من الصحة و أخبار لم أجدها في سواه فهل عسى بعض ما ذكر حقيقيا
لا أدري إلى متى سنظل نحكم أنفسنا بمنطق أهلي و زمالك؟ هذا المنطق الذي يخرج علينا بأشكال و مسالك سيئة لكنها صاحبة الصوت العالي و محل الاهتمام و العناية فقط لأنها تلهي الناس عن الادراك الصحيح للأمور و وضعها في محالها الطبيعية بل قد تجد لها مقعدا في مجلس الشعب!!
الطفل الذي كان عنده 10 سنين كبر و ربنا شفاه من الداء البطال و صار له صداقات عزيزة قبطية يعني مصرية -مسلمة و مسيحية
و ينتظر استئناف الحوار العاقل
نهاية القول، يحتاج الوطن إلى تأسيس
رؤى مصرية وطنية
تحديث: سامر دلني اليوم على هذا المقال، أراه تضمن نقاطا في الصميم
نعم أنا أعرف أنه يوجد مسيحيون كما أنه يوجد مسلمون لكن هؤلاء المسيحين كانوا حتى الآن بالنسبة لي في الكتب و التلفزيون على الأقل حتى الآن، هذا أول احتكاك على أرض الواقع اصطدم فيه بعلاقة مسلم و مسيحي- لاحظ أنا لا أزال طفلا في العاشرة-
جلس إ و أجاب سؤالي "نعم أنا مسيحي" لم يتغير الكثير في العلاقة بيننا. لكن ما حدث بعدها بأيام أو أسابيع، هو أنني مندفعا بحماسة أخذت أحدثه عن الإسلام و إمكانية أن يسلم و يكون كأخي و يقدم إلى بيتنا و يصير واحدا منا!! استمع إلى إ و أنا أشعر أنه يبدي تجاوبا. غير أن إ حين عاد إلى بيته أخبر والدته بالأمر، فما كان منها إلا أن قدمت إلى المدرسة شاكية. في اليوم التالي دخلت الأستاذة هـ ش – أكثر من أثر في من المعلمين و لا أزال أكن لها كل الود و الاحترام رغم عدم اتفاقي معها في كيفية معالجتها لهذا الحدث- استدعتني أنا و إ. وصلنا إلى مكتب أغلقته خلفنا ثم صفعت كلا منا صفعة عظيمة و قالت أن هذا الكلام ليس له محل في المدرسة و أن الأطفال لا يجب أن يتحدثوا في مثل هذه الأمور.
عدنا أدراجنا إلى الصف و اتخذ كل منا مقعدا مغايرا بحسب الأوامر و انتهت العلاقة بيني و بين إ رغم أننا كنا دائما في ذات المدرسة من الابتدائي إلى الثانوي و نسكن ذات الحي و أهلنا ينتمون إلى ذات البلدة في دلتا النيل!! هذا كله لم يجدي في أن تتحسن العلاقة و بقى الحال إلى ما هو عليه، رغم أن علاقتي بأخيه الأصغر ع كانت عادية جدا.
X :
لماذا هذا الحكي؟
أفزعني ما يحدث في مصر، خاصة و أن كثيرين يظنون أن ما حدث وقع منذ عدة أيام. بينما أظن الأمر يحدث منذ سنوات و دون علاج و مواجهة حقيقية. ما يحدث هو أن ثمة حساسية تتنامى بشكل مطرد بين المسلمين و المسيحيين في مصر و لم ألحظ بشأنها رأيا عاقلا و لا مسلكا محمودا.
هناك من يرى الأمر سيمر و أنها زوبعة تأخذ وقتها بضعة أيام و تذهب. و آخرون يرون أن العلاج يكمن في علقة تفوت و لا حد يموت- كما فعلت الأستاذة هـ ش-
ما يدعو للأسف هو أن هذا كله لا يحل المشكلة و لكنه يزيد الأمور تعقيدا و هو ما سنراه لو رسمنا شكلا بيانيا للأحداث و تصاعدها المطرد. هناك مسلمات كثيرة نرددها مسلمين و مسيحيين دون ان نمارسها. الخطأ نال نصيبا منا جميعا مسلمين و مسيحيين و حكاما و محكوميين ليس في هذا الحدث الأخير فقط و لكن في التنشئة و التربية التي أدت إلى مثل هذه الحادثة و أخواتها.
X :
هل قرأت البيان المشترك ل البابا شنودة و الشيخ طنطاوي؟
نعم، شعرت في بيان البابا و شيخ الأزهر ذات الرائحة التي تصدر من بيانات البيت الأبيض بشأن الأحداث في فلسطين بعد أية اعتداءات أو تفجيرات ما، أولا تأتي متأخرة، ثانيا تدعو إلى ضبط النفس و عبارات مطاطة لا تحتوي على ما هو إلزامي أو يمكن تنفيذه.
هذه الحادثة و غيرها لا تعطي المسلمين الحق في التظاهر بهذا الشكل دون تبين و لا فهم أمام أحد دور العبادة لأنه ببساطة لا يقبل المسلمين أن يعاملوا بالمثل. كما أنهم يتفقون أن جريمة 11 سبتمبر و غيرها لا يجب أن تدين المسلمين في أمريكا أو أن تتخذ ذريعة للتحرش بمساجدهم و أشخاصهم. أيضا هذه الواقعة لا يجب أن تستغل في إطار الدعاية الانتخابية لأن في ذلك و بكل بساطة يدفع بنا إلى هاوية التحزب السياسي على أساس ديني. في رأيي إدانات كافة أطراف المعارضة مائعة و غير كافية تعتريها كثير من حسابات اللحظة و تضع جانبا حسابات المبدأ و الأساس.
على الهامش
مخنوق من الرئيس الذي اختفى و لا يعبر أم أي حد في البلد بعد الانتخابات الأخيرة، و كأن ما يحدث في البلد إللي حدانا!! أذكر خطابات شيراك بعد أية احتكاكات أو أحداث بين مسلمين و يهود في فرنسا. لم يكن الأمر يمر دون أن يقول السيد الرئيس كلمة يؤكد فيها على المبدأ و على سيادة القانون و احترامه، بجد مش كلام
رأي
به بعض من الصحة لكنه منطق أعوج في هذه اللحظة و لا يسهم في حل المشكلة خاصة أن هذا الرأي محسوب
على تيار معارض مهم
رأي آخر
به بعض من الصحة و أخبار لم أجدها في سواه فهل عسى بعض ما ذكر حقيقيا
لا أدري إلى متى سنظل نحكم أنفسنا بمنطق أهلي و زمالك؟ هذا المنطق الذي يخرج علينا بأشكال و مسالك سيئة لكنها صاحبة الصوت العالي و محل الاهتمام و العناية فقط لأنها تلهي الناس عن الادراك الصحيح للأمور و وضعها في محالها الطبيعية بل قد تجد لها مقعدا في مجلس الشعب!!
الطفل الذي كان عنده 10 سنين كبر و ربنا شفاه من الداء البطال و صار له صداقات عزيزة قبطية يعني مصرية -مسلمة و مسيحية
و ينتظر استئناف الحوار العاقل
نهاية القول، يحتاج الوطن إلى تأسيس
رؤى مصرية وطنية
تحديث: سامر دلني اليوم على هذا المقال، أراه تضمن نقاطا في الصميم
0 Comments:
Post a Comment
<< Home