Sunday, October 23, 2005

أهلي و زمالك يا قلبي احزن

كنت في الصف الرابع الابتدائي حين انتقلت إلى مدرسة جديدة. في الأسبوع الأول شاركت إ مقعدنا في أول الصف. بدت لنا في هذا الأسبوع الأول صداقة تتقدم بيننا على مهل و هي تتدعم بقواسم مشتركة من النباهة و التفوق. قطع هذا السير الطبيعي للأمور مدرسا دخل إلى الصف لتوزيع كتب الدين التي لم نتسلمها بعد، و إذا به يطلب من المسيحين الوقوف لتوزيع كتاب الدين عليهم. وقف إ بجانبي و أنا أسير دهشة و تعجب سببهما أنني لأول مرة أشعر باختلاف بيني و بينه. لما وقف إ هل هو حقا مسيحي؟ و أسئلة كثيرة تسبقها هل دون أن تردفها إجابات.
نعم أنا أعرف أنه يوجد مسيحيون كما أنه يوجد مسلمون لكن هؤلاء المسيحين كانوا حتى الآن بالنسبة لي في الكتب و التلفزيون على الأقل حتى الآن، هذا أول احتكاك على أرض الواقع اصطدم فيه بعلاقة مسلم و مسيحي- لاحظ أنا لا أزال طفلا في العاشرة-

جلس إ و أجاب سؤالي "نعم أنا مسيحي" لم يتغير الكثير في العلاقة بيننا. لكن ما حدث بعدها بأيام أو أسابيع، هو أنني مندفعا بحماسة أخذت أحدثه عن الإسلام و إمكانية أن يسلم و يكون كأخي و يقدم إلى بيتنا و يصير واحدا منا!! استمع إلى إ و أنا أشعر أنه يبدي تجاوبا. غير أن إ حين عاد إلى بيته أخبر والدته بالأمر، فما كان منها إلا أن قدمت إلى المدرسة شاكية. في اليوم التالي دخلت الأستاذة هـ ش – أكثر من أثر في من المعلمين و لا أزال أكن لها كل الود و الاحترام رغم عدم اتفاقي معها في كيفية معالجتها لهذا الحدث- استدعتني أنا و إ. وصلنا إلى مكتب أغلقته خلفنا ثم صفعت كلا منا صفعة عظيمة و قالت أن هذا الكلام ليس له محل في المدرسة و أن الأطفال لا يجب أن يتحدثوا في مثل هذه الأمور.

عدنا أدراجنا إلى الصف و اتخذ كل منا مقعدا مغايرا بحسب الأوامر و انتهت العلاقة بيني و بين إ رغم أننا كنا دائما في ذات المدرسة من الابتدائي إلى الثانوي و نسكن ذات الحي و أهلنا ينتمون إلى ذات البلدة في دلتا النيل!! هذا كله لم يجدي في أن تتحسن العلاقة و بقى الحال إلى ما هو عليه، رغم أن علاقتي بأخيه الأصغر ع كانت عادية جدا.

X :
لماذا هذا الحكي؟

أفزعني ما يحدث في مصر، خاصة و أن كثيرين يظنون أن ما حدث وقع منذ عدة أيام. بينما أظن الأمر يحدث منذ سنوات و دون علاج و مواجهة حقيقية. ما يحدث هو أن ثمة حساسية تتنامى بشكل مطرد بين المسلمين و المسيحيين في مصر و لم ألحظ بشأنها رأيا عاقلا و لا مسلكا محمودا.
هناك من يرى الأمر سيمر و أنها زوبعة تأخذ وقتها بضعة أيام و تذهب. و آخرون يرون أن العلاج يكمن في علقة تفوت و لا حد يموت- كما فعلت الأستاذة هـ ش-

ما يدعو للأسف هو أن هذا كله لا يحل المشكلة و لكنه يزيد الأمور تعقيدا و هو ما سنراه لو رسمنا شكلا بيانيا للأحداث و تصاعدها المطرد. هناك مسلمات كثيرة نرددها مسلمين و مسيحيين دون ان نمارسها. الخطأ نال نصيبا منا جميعا مسلمين و مسيحيين و حكاما و محكوميين ليس في هذا الحدث الأخير فقط و لكن في التنشئة و التربية التي أدت إلى مثل هذه الحادثة و أخواتها.

X :
هل قرأت البيان المشترك ل البابا شنودة و الشيخ طنطاوي؟

نعم، شعرت في بيان البابا و شيخ الأزهر ذات الرائحة التي تصدر من بيانات البيت الأبيض بشأن الأحداث في فلسطين بعد أية اعتداءات أو تفجيرات ما، أولا تأتي متأخرة، ثانيا تدعو إلى ضبط النفس و عبارات مطاطة لا تحتوي على ما هو إلزامي أو يمكن تنفيذه.

هذه الحادثة و غيرها لا تعطي المسلمين الحق في التظاهر بهذا الشكل دون تبين و لا فهم أمام أحد دور العبادة لأنه ببساطة لا يقبل المسلمين أن يعاملوا بالمثل. كما أنهم يتفقون أن جريمة 11 سبتمبر و غيرها لا يجب أن تدين المسلمين في أمريكا أو أن تتخذ ذريعة للتحرش بمساجدهم و أشخاصهم. أيضا هذه الواقعة لا يجب أن تستغل في إطار الدعاية الانتخابية لأن في ذلك و بكل بساطة يدفع بنا إلى هاوية التحزب السياسي على أساس ديني. في رأيي إدانات كافة أطراف المعارضة مائعة و غير كافية تعتريها كثير من حسابات اللحظة و تضع جانبا حسابات المبدأ و الأساس.

على الهامش
مخنوق من الرئيس الذي اختفى و لا يعبر أم أي حد في البلد بعد الانتخابات الأخيرة، و كأن ما يحدث في البلد إللي حدانا!! أذكر خطابات شيراك بعد أية احتكاكات أو أحداث بين مسلمين و يهود في فرنسا. لم يكن الأمر يمر دون أن يقول السيد الرئيس كلمة يؤكد فيها على المبدأ و على سيادة القانون و احترامه، بجد مش كلام

رأي
به بعض من الصحة لكنه منطق أعوج في هذه اللحظة و لا يسهم في حل المشكلة خاصة أن هذا الرأي محسوب
على تيار معارض مهم

رأي آخر
به بعض من الصحة و أخبار لم أجدها في سواه فهل عسى بعض ما ذكر حقيقيا

لا أدري إلى متى سنظل نحكم أنفسنا بمنطق أهلي و زمالك؟ هذا المنطق الذي يخرج علينا بأشكال و مسالك سيئة لكنها صاحبة الصوت العالي و محل الاهتمام و العناية فقط لأنها تلهي الناس عن الادراك الصحيح للأمور و وضعها في محالها الطبيعية بل قد تجد لها مقعدا في مجلس الشعب!!

الطفل الذي كان عنده 10 سنين كبر و ربنا شفاه من الداء البطال و صار له صداقات عزيزة قبطية يعني مصرية -مسلمة و مسيحية
و ينتظر استئناف الحوار العاقل

نهاية القول، يحتاج الوطن إلى تأسيس
رؤى مصرية وطنية

تحديث: سامر دلني اليوم على هذا المقال، أراه تضمن نقاطا في الصميم

Posted by Picasa

0 Comments:

Post a Comment

<< Home